في ليلة من ليالي الشتاء...

الباردة الممطرة .. جلست قرب المدفأة مع عائلتي اتدفأ.

انه الشتاء ذو الليل البارد الطويل .. صوت الرعد .. وضوء البرق افزع ابن اختي الصغير فبكى..

وفجأة تناهى الى مسامعنا من بعيد .. صوت بكاء طفل اخر غير صوت بكاء ابن اختي ..

قمت الى نافذه الغرفة وتتطلعت منها نحو مصدر صوت البكاء .. فرايت الكوخ الصغير والقريب منا

والذي تسكنه عائلة مهجرة فقدت معيلها ( الاب ) وبقت الام تعيل اطفالها الثلاثة الصغار..

تخدم البيوت كي تطعم اطفالها .. رايت هذا الكوخ الصغير وبه المراه واطفالها المساكين يرتجفون

من شدة البرد .. ويفزعون من صوت الرعد الذي يصم الاذن حيث لا وقود ولا كهرباء..

يبكون بصوت عال من البرد .. ومن الخوف .. ومن رذاذ المطر .. المنهمر عليهم من

بين ثقوب سقف كوخهم .. امهم المسكينة تحتضنهم ..؟ ولكن مافائدة احتضانهم ..

لان ثيابهم الباليه الممزقة التي يرتدونها قد تبللت بفعل المطر.. وامهم كذلك ترتجف هي ايضا.

انصدمت مما رايت فأسرعت جاريا نحو كوخ العائلة البائسة .. لا يهمني المطر .. ولا البرد ..

ولا الانزلاق والوقوع في الوحل..

وصلت الى كوخهم وثيابي قد تبللت فدخلت فجاة ! .. وعندما راتني المراة المسكينة ادخل عليهم

تفاجات .. فزعت .. فهونت عليها وقلت ..واسناني تصطك من البرد ..

( تعالي ايتها المراة .. انت واطفالك الى بيتنا حتى يهدأ المطر ).

ترددت المراه قليلا .. فرجوتها ثانيه ..وعندئذ قبلت بالذهاب الى دارنا ..

حملت انا طفلين .. وحملت هي الطفل الثالث وخرجنا من الكوخ.. وما زالت السماء تسقط مطرها.

المطر يسقط على اجساد الاطفال الثلاث وهم يصرخون خوفا . ومن البرد .

والسماء لا يهمها صراخ وبؤس وخوف الاطفال .. المهم وصلنا الى الدار و ادخلناها مع اطفالها..

فجلست المراة جوار المدفاة واطفالها بجانبها يرتجفون .. جلبت والدتي اليهم بعض الطعام

ووضعته امام المراة واطفالها .. فأكل الاطفال وامهم تنتظر اليهم بحنان وبؤس .. لم تمد يدها

الى الاكل حتى انتهى اطفالها من الاكل .. قضت هذه العائلة سويعات قليلة في بيتنا

الى ان هدأ المطر .. وانقطع صوت الرعد .. فنظرت الى السماء من خلال النافذه..

فرايت نجوم تلمع وكأن شيئا لم يحدث .

صفت السماء بعدما كانت تنتشر فيها الغيوم وبعدما كان مطرها يسقط بين صراخ الاطفال وخوفهم

قامت المراة كي تحمل اطفالها وتعود بهم الى كوخهم الصغير ..

ولكن والدتي رجتها للبقاء مع اطفالها وقضاء الليل عندنا.. في بيتنا .؟

قبلت المراة بعد الحاح شديد من والدتي .. واخذتهم الى غرفة في بيتنا ...

فنام اطفالها نوما.. هادئا ..عميقا .. ونعمو بليلة واحدة بالدفأ بعد البرد القارس الذي كان يلسعهم

في كوخهم الصغير..

وضلت امهم المسكينة ساهرة تنظر اليهم .. بحنان وتبكي والدهم الذي ذهب الى مكان لا رجعة فيه

استشهد الاب وترك زوجته مع اطفالها الصغار وحيده لا معيل لهم .. وتذكرت الام ايام السعادة مع

زوجها ..وايام البؤس من بعده .. فكرت الام بايام المطر القادمة وبالبرد .. والبؤس الذي جعل

اطفالها يتصارخون ويبكون وكانهم لسعوا من عقرب .

تذكرت الام ..ان المطر نعمة من نعم الله الكثيرة للانسان .. وابتهلت الى خالق السموت ..

والى منزل المطر والى مكون الانسان .. ان يسعدها واطفالها الثلاث الصغار

وان يرحمها بنعمه الواسعة..

فرددت بصوت خافت حزين :

(( انه السميع المجيب ))
تحياتي

علاق عصام

شكرا على هذا الموضع انه مثير لكنه محزن شكرا عصومة